الشريط الإخباري

الدكتورة ميساء الإبراهيم ناقدة تخصصت بالنثر العباسي وأدخلت في دراساتها علوما نفسية وفلسفية

دمشق-سانا

دخلت عالم النقد من بوابته الأكاديمية فجعلتها دراستها للأدب العربي تتوغل في عيون التراث ولا سيما النثري ونقده بأسلوب حداثي حتى غدت الدكتورة ميساء الإبراهيم إحدى الناقدات الموجودات في الساحة الثقافية السورية حاليا.

الدكتورة ميساء التي تحرص على استخدام أسلوب منهجي يقدم رؤية واضحة ودقيقة دون الاعتماد على الشخصنة وموقف الناقد المسبق ترى خلال حديث مع سانا الثقافية أن النقد نشاط إبداعي يقوم على ركنين أساسيين هما النص والمبدع ‏وأن مهمة الناقد تكمن في تقديم الحقائق حول الأثر الأدبي والكشف عن مكامن الإبداع فيه ودراسة ما فيه من تجليات ذهنية يتركها النص في المتلقي فضلا عما فيه من متغيرات وثوابت وأنساق تفكير.

ميساء التي تخصصت خلال دراستها بالنثر العباسي تعتبر أن النقد يتداخل مع حقول معرفية عدة منها الفلسفة وعلوم الدلالة والاجتماع والنفس وهذا يتطلب من الناقد سعة المعرفة والاطلاع.

ولا بد للنقد أيضا كما ترى ميساء أن يسبر أعماق النص وتحليل البنى الأدبية والثقافية والاجتماعية التي نهض عليها النص معتبرة أن شخصنة النقد تبتعد به عن مساره الصحيح مما يضر به كحالة إبداعية لا تتوخى الدقة والموضوعية والحيادية التي طالما تحلى بها نقاد كبار استطاعوا تقديم إنجازات مهمة على هذا الصعيد.

وحول رأيها بماهية النتاج الأدبي الذي يجب أن يقدم حاليا تقول “جدير بنا التوقف عند الشعر تحديدا لأنه ديوان العرب وسجل حكمتهم وخزينة معارفهم ومرآة حياتهم ولكن نجاحه في تحقيق الانتشار بين الناس رهن بشعبيته وبابتعاده عن الغموض والإبهام وجمال معناه وعذوبة ألفاظه وتضمنه لمعان إنسانية سامية فضلا عن جمالية الإلقاء” من دون أن يعني ذلك المحافظة على نمط شعري واحد وتفضيله أو تسييده في عالم غني متنوع الاتجاهات والتيارات والمدارس وإخضاع الأمزجة له.

ولكن ميساء ترفض أيضا إلغاء وجود أدب النخبة المثقفة في حياتنا والذي يحمل الدلالات البعيدة والمعاني العميقة والرؤية الجمالية الخاصة التي تبتعد عن الشعبوية والوضوح والسهولة كما في شعر أدونيس وسعيد عقل ومحمود درويش.

كما أن مقاييس النقد وفق ميساء لا تخضع لقوانين الانتشار والشعبية وبالتالي فإن تقييم النقد يختلف عن التقييم الشعبي فللنقد أدواته الموضوعية ومعاييره الصارمة التي تبتعد كثيرا عن الانطباعية والتذوق الآني.

وتعول الدكتورة ميساء كثيرا على دور الثقافة لمواجهة حملات تحطيم خصوصية الشعوب والغزو الفكري ودعوات العنصرية وأسطورة التفوق الحضاري الغربي ذلك لأن الثقافة برأيها تجمع كل العادات والتقاليد والمعارف الاجتماعية والفكرية كما أنها نزعة إنسانية لحب التفرد والتمايز وحالة حضارية مكتسبة ذات حمولة معرفية.

وما تبثه وسائل التواصل الاجتماعي بصورة يومية وضخمة من منتج ثقافي رقمي متنوع وغزير ومحاولات لتغريب الثقافة العربية ونشر لمصطلحات وكلمات غير عربية أو معربة بكثرة يستدعي وفق ميساء أن يقوم مختصون ونقاد بعمليات فرز وتصنيف عالية الدقة تتطلب وعياً وجهداً هائلين.

يذكر أن الناقدة ميساء الإبراهيم حاصلة على درجة دكتوراه في اللغة العربية وآدابها اختصاص نثر عباسي وصدر لها كتابان “أثر كليلة ودمنة في السرد العربي حتى نهاية القرن التاسع الهجري” و”البنية السردية في كتاب الإمتاع والمؤانسة” لأبي حيان التوحيدي.

محمد خالد الخضر