الشريط الإخباري

البناء باستخدام البلوك الترابي المضغوط.. تقنية صديقة للبيئة.. منزل بريف حماة نموذجاً

دمشق-سانا

تعد تقنية البناء باستخدام البلوك الترابي المضغوط المحسن من التقنيات المحققة بنجاح لشرط السلامة الإنشائية للأبنية وفق المختصين، وهي من التجارب التي تم تطبيقها مؤخراً ضمن مشروع لبناء منزل في قرية بري الشرقي بريف حماة.

فما هي هذه التقنية وكيف يمكن الاستفادة منها وتطويرها، وما العناصر التي تم تطبيقها بمشروع المنزل الريفي بحماة والآليات المستخدمة فيه، والتحديات والصعوبات التي اعترضت تنفيذه، هذا ما أوضحته جلسة تفاعلية في مجال العمارة المستدامة والبيئة أقامتها نقابة المهندسين في دمشق بالتعاون مع لجنة الهندسة الزلزالية ومؤسسة الآغا خان للتنمية الحضرية والمعهد العالي للبحوث والدراسات الزلزالية.

انطلاقة مشروع البيت الريفي في حماة …

بينت المهندسة يارا خربيط من الفريق التقني بمؤسسة الآغا خان أن المشروع انطلق بداية عام 2020 ويعد بناءً نموذجياً ريفيّاً يحقق معايير المباني الخضراء، التي تؤثر بشكل إيجابي على المناخ والبيئة وتحافظ على الموارد الطبيعية، عبر استخدام مصادر متعددة للطاقة كالرياح والشمس، وذلك باستخدام تقنية (سي اس أي بي)، وتم تصميمه وفق معايير وكودات دقيقة بالاعتماد على خبرة أحد المعاهد الدولية معهد “أورفيل إيرث”  بهذا المجال.

أهمية إنشاء بناء بتقنية البلوك الترابي المضغوط…

المهندسة خربيط أوضحت أن الهدف من بناء المنازل وفق تقنية (سي اس أي بي) إحياء العمارة الترابية بسورية وتعزيز فكرة العمارة الخضراء وتشجيع استخدام المواد البيئية وتمكينها، في ظل ارتفاع أسعار مواد البناء، ونشر التوعية بأهمية ثقافة الاستدامة والعزل والتأثير السلبي للمباني الإسمنتية في ظل النمو السكاني، وزيادة الطلب على السكن والتغيرات المناخية على أساسات الأبنية، ورغبة القاطنين في سورية في تحديث هيكلية المنازل التي يقيمون فيها.

البناء باستخدام البلوك الترابي صديق للبيئة…

استعرضت المهندسة خربيط مكونات البلوك الترابي، من التربة التحتية الجافة غير العضوية والطين غير الممتد والإسمنت البروتلاندي، إضافة إلى التربة والرمل والماء والمثبت، حيث تكون نسبة الإسمنت فيها 5 بالمئة فقط، وضغط البلوك يتم في مكبس يدوي أو آلي ويتم علاجه خلال 28 يوماً، وهذه التقنية تسهم في نهضة العمارة الترابية وصديقة للبيئة واقتصادية وفق وصفها.

ولفتت خربيط إلى أن ميزات هذه التقنية في البناء أنها لا تحتاج لما يسمى (لياسة أو تلييس) الجدران الداخلية أو استخدام الحمل الخرسانية المسلحة، إضافة لمقاومتها الجيدة للماء وإمكانية استخدامها لطوابق عالية تصل إلى 4 طوابق دون أعمدة خرسانية مسلحة، ولها دور في تنظيم الرطوبة والحرارة من الجدار الترابي وملائمة لجميع المناخات.

إقرأ أيضاً: صناعة البيوت الخشبية في سورية.. إصرار على البقاء رغم الصعاب

إنتاج محلي للبلوك الترابي …

عبر مكبس يدوي مستورد وفق المهندسة خربيط تم إنتاج عشرات الآلاف من البلوك محلياً لبناء المنزل الريفي بتقنية البلوك الترابي المضغوط المحسن (سي اس أي بي)، حيث تم ترتيب البلوك ومعالجته بالمياه لمدة 28 يوماً واستخدامه لاحقاً بالبناء، موضحة أنه كان يتم يومياً إنتاج 700 بلوكة خلال 7 ساعات عمل.

مراحل عملية بناء منزل البلوك الترابي…

أكدت المهندسة عبير ضعون من الفريق التقني بالمؤسسة أن عملية بناء المشروع بدأت بأعمال حفر الأساسات التي يختلف عمق حفرها باختلاف وزن وحمولة كل جدار، ويتم تحديد المحاور ومناسيب الحفريات والحفر وفقاً للأعماق المطلوبة مع مراعاة استخدام التربة الناتجة عن الحفر في خلطة الأساسات والبناء ليتم بعدها صب الأساسات الخرسانية الترابية بنسبة إسمنت 6.76 بالمئة، تليها عملية بناء الجدران الأساسية (الخارجية بسماكة 36.05 سم والداخلية بسماكة 24 سم) مع الحفاظ على نمط التشبيك الصحيح أثناء البناء، ثم تركيب عناصر مسبقة الصنع من الهوردي والدرجات وعتبات النوافذ والأبواب ثم استخدام العناصر المصبوبة في المكان والبلاطات والقبب والقبوات وصبات الميول والبروزات والأقواس والعناصر الإسمنتية النحيفة والمسلحة وخزان تجميع مياه الأمطار.

إيجابيات وتحديات البناء بالبلوك الترابي…

من أبرز إيجابيات مشروع منزل البلوك الترابي وفق المهندسة ضعون توفر عدة خصائص تؤمن السلامة الإنشائية، سواء من الجدران التي هي عازلة للحرارة والصوت وللمرونة في استخدام أنواع مختلفة من الأسقف أو التحكم في تصميم البناء، حيث يؤمن تهوية جيدة وتوزيعاً حرارياً مدروساً، كما يؤمن دراسة لدخول أشعة الشمس والاستفادة منها في التدفئة في فصل الشتاء، إضافة إلى عدم الحاجة إلى استخدام إكساء خارجي للمحافظة على البناء، واستخدام نسبة قليلة من الإسمنت، وميزة قابلية التحلل الحيوي التي تجعل البناء يعد مستداماً وصديقاً للبيئة.

وعن التحديات التي واجهت تنفيذ المشروع أوضحت ضعون أن أبرزها عدم توفر التربة المناسبة لبناء هذا النوع من البلوك في منطقة السلمية بريف حماة، حيث إن التربة الموجودة غالباً غضارية أو سلتية تحتاج إلى تحسين بإضافة الرمل والحصى إليها، وأيضاً نقص المياه اللازمة لسقاية ومعالجة البلوك وعدم إمكانية استخدام البلوك المنتج إلا بعد شهر من تصنيعه، مبينة أننا نحتاج إلى وقت أكثر لنشر هذه التقنية التي تعد جديدة في سورية.

اقرأ أيضاً: الماضي القديم مع بساطة المعيشة في البيوت الحجرية بالسويداء

مقترحات ضمن تقنية البناء بالبلوك الترابي…

قدمت المهندسة عبير ضعون مجموعة من التوصيات بناء على رأي المختصين لتحسين هذا النوع من الأبنية وفق تقنية (سي اس أي بي)، منها إجراء أبحاث على البلوك في تربة مختلفة عما تم استخدامه في المشروع، وتجريب نسب إسمنت مختلفة وتحسينها مع مراعاة الجانب الاقتصادي للوصول إلى أفضل وأقوى بلوك مستنبط من تربة المنطقة.

ومن مقترحات المختصين ضرورة صنع مكابس محلية وتطوير التقنية المستخدمة، إضافة لاستخدام البلوك الترابي المضغوط كقواطع لتوفير نسب الإسمنت المستخدمة في البناء والعزل، ودراسة الجدوى الاقتصادية لإنشاء معمل لإنتاج البلوك الترابي المضغوط بالقرب من أماكن توفر التربة المناسبة والماء لبناء هذا النوع من المنازل.

مدا علوش ومحمد السليمان

متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency